خلال بضع سنوات الماضية أصبح الكمبيوتر من الأشياء الشائع وجودها في كل بيت، وبالطبع
أصبحت حياة أطفالنا تتأثر به. ومن المهم بالنسبة لنا كآباء وأمهات أن نشجع أطفالنا على
الاستفادة من الكمبيوتر، ولكن في نفس الوقت نحاول تجنيبهم الآثار الضارة التي قد تنتج عن استخدامه.
بالطبع تطرأ على أذهاننا الكثير من التساؤلات: كم عدد الساعات التي يمكن أن يقضيها طفلي أمام الكمبيوتر دون القلق من أن يتحول إلى مدمن كمبيوتر؟ أو دون أن تضر عيناه؟ لكن هناك تساؤلات لا تخطر عادةً ببالنا: هل سيتسبب الكمبيوتر في أن يجعل الأطفال أشخاصاً غير اجتماعيين، خجولين، منطويين، أو حتى عدوانيين؟ كم عدد الساعات اليومية التي سيقضونها أمام الكمبيوتر قبل أن يبدءوا في الشكوى من آلام الرسغ، الرقبة، والظهر؟ ماذا عن إهمالهم للقراءة والمذاكرة؟ والسمنة المفرطة هل هناك ارتباط بينها وبين استخدام الكمبيوتر؟
استفيدوا من الإيجابيات
الكمبيوتر يبهر الأطفال وكثيراً ما يستحوذ على كل اهتمامهم وتركيزهم، ذلك أن استخدام ألعاب الكمبيوتر التعليمية قد تساعد على اكتساب الأطفال الثقة بالنفس وتقدير الذات حيث إن هذه الألعاب تسمح لكل طفل بالتحكم في التجربة التي يخوضها، معدل تطوره فيها، واختيار مستوى التحدي الذي يريحه.
رغم أنه حتى الطفل الصغير يمكن أن يشاهد أفلام الرسوم المتحركة على شاشة الكمبيوتر، إلا أن التحكم في الكمبيوتر والتعامل مع برامجه يتطلب استخدام عدد من المهارات مثل المهارات الحركية الدقيقة والتوافق بين حركات اليد والعين لتحريك ال(ماوس). ومثل القراءة والكتابة تكون رغبة كل طفل وشغفه هما اللذان يحددان مدى سرعة تطور مهاراته في استخدام الكمبيوتر وأغلب الأطفال يتقدمون بسرعة إذا ما بدءوا في التعلم من الحضانة، قد تختلف رؤية كل مدرسة، لكن يجب على الآباء والأمهات ألا يقلقوا بخصوص السن التي يجب أن يبدأ فيها الطفل تعلم الكمبيوتر أو حتى يظهر اهتمامه به.
ورغم أن كثيرا من ألعاب الكمبيوتر هذه الأيام أكثر عنفاً عن ذي قبل وكنتيجة لذلك أصبح الأطفال الذين يستخدمون هذه النوعية من الألعاب أقل تحكماً في أنفسهم وأكثر عدوانية، لكن من المهم أن نتذكر أن ألعاب الكمبيوتر ليست كلها سيئة، فكثير من الألعاب التعليمية تمكن الطفل من تطوير وممارسة العديد من المهارات، يمكن أن تعلمه على سبيل المثال الحروف، الأرقام، الأشكال، الألوان، والإيقاع وأيضاً عند دخول الطفل المدرسة يمكن أن يقوم بالاستعانة بالألعاب الخاصة بالمواد الدراسية الألعاب الجيدة تتيح للطفل فرصة التدريب على حل المسائل ومهارات المنطق. هذه الألعاب تزيد المهارات الحركية الدقيقة لدى الطفل، وكذلك مهارات التوافق وتربي فيه الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات.
احذروا من السلبيات
* الأضرار البدنية:
يجب أن يتابع الأبوان عدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام الكمبيوتر، فرغم أنه قد ثبتت فائدة كثير من الألعاب إلى حد معين إلا أنه لا يمكن تجاهل أضرارها.
يتفق كل الخبراء على أن الاستخدام الكثير ولأوقات طويلة للكمبيوتر يمكن أن يعرض الأطفال لمخاطر صحية، أكثر المشاكل التي يشار إليها هو إجهاد النظر، الصداع، آلام الرسغ والرقبة، وبشكل عام المشاكل الناتجة عن أوضاع الجسم والهيكل العظمي.
يتفق أخصائيو العلاج الطبيعي على أنه يبدو أن ما يعرض الطفل لمخاطر صحية هو الضغط الذي يحدث على جسم الطفل وهيكله العظمي إذا استخدم باستمرار الكمبيوتر الذي يستخدمه الكبار، يجب أن تكون الشاشة في مستوى نظر الطفل حتى لا يضطر لرفع كتفيه أو ذقنه، فتأكدي من وضع وسادات على الكرسي حتى يكون الكمبيوتر في مستوى نظر الطفل، وكذلك وضع وسادة صلبة خلف ظهره.
قد ترغبين أيضاً في شراء (ماوس) خاص بالأطفال لأنه كلما كان ال(ماوس) أكبر قل احتياج الطفل لثني رسغه، بما أن جسم الأطفال يظل ينمو حتى عمر 17 سنة تقريباً، يمكن أن تظهر آثار الأوضاع غير الطبيعية لجسمه على المدى الطويل، لذا ينصح المتخصصون بشدة بأن الأطفال الأقل من 7 سنوات لا يجب أن يبقوا أمام الكمبيوتر لأكثر من ساعة يومياً مقسمة على 3 مرات في كل مرة 20 دقيقة.
* الأضرار النفسية
توضح د. أميرة حنا الطبيبة النفسية وأخصائية الأسرة أننا لا يجب أن ننسى أن إحدى الخطوات التعليمية الضرورية بالنسبة للأطفال هي التواصل والتفاعل مع الآخرين. إن استخدام الطفل الصغير لألعاب الكمبيوتر أكثر من اللازم يمكن أن يكون له تأثير سلبي عليه لعدة أسباب.
توضح د. أميرة أن الأطفال الذين يقضون أوقاتاً طويلة أمام الكمبيوتر لا يستطيعون الاستفادة من الأنشطة الأخرى الأساسية لبنائهم البدني، الاجتماعي، الفكرى، والعاطفي، وتوضح قائلة: (إن الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الكمبيوتر ينقص من الوقت الذي يمكن أن يقضيه مع أصدقائه، يمارس فيه رياضة) وهو ما قد يؤدي إلى السمنة المفرطة على المدى الطويل)، يقرأ فيه، يمارس فيه أي نشاط مع والديه، أو حتى يلعب فيه في النادي.
(الطفل عادةً يلعب ألعاب الكمبيوتر بمفرده وقضاؤه لساعات طويلة أمام الكمبيوتر قد يسبب له انعزالا اجتماعيا وفي أحيان كثيرة إدمانا للكمبيوتر. وبالتالي فإن قضاء الطفل لساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر قد يؤدي إلى حدوث مشاكل اجتماعية عند الطفل مثل الخجل أو الانطواء، إذا ظل طفلك طوال اليوم أمام الكمبيوتر ولم يخرج بشكل كاف، فلن يتمكن من تعلم المشاركة، انتظار دوره، أو حتى تعلم السلوكيات البسيطة.
إن طفلك يحتاج للتعامل مع غيره من الأطفال والكبار وأحياناً حتى الحيوانات الأليفة حتى يستطيع أن يخوض تجارب الحياة بدلاً من الجلوس طوال الوقت أمام الكمبيوتر، لذا تنصح د. أميرة بشدة أن تشاركي طفلك في ألعاب الكمبيوتر لكي تتاح لكما فرصة قضاء وقت معاً، كما تؤكد د. أميرة على ضرورة اختيار الآباء للألعاب المناسبة لسن الطفل لأن الأطفال الذين يلعبون الألعاب التي تقوم على أساس العنف، العدوانية، والإثارة الزائدة عن الحد يكونون أكثر عرضة لأن يكونوا عدوانيين.